من يتحمل مسؤولية الإنفجار في لبنان
د .نسيب حطيط
عندما انطلقت كوارث الربيع العربي الأسود ونحن نشهد سباقا محموما" بين التهدئة والتفجير للأوضاع في لبنان ويرفع الجميع رسميا شعار الناي بالنفس عن سوريا في عملية خداع للنفس و إستهزاء" بعقول الناس حيث يطرح السؤال.... كيف ننأى عن سوريا وحوالي مليوني نازح سوري يقيمون عندنا بما فيهم التكفيريون وكل الأسماء التي اخترعتها قوى العدوان على سوريا ؟
كيف ننأى عن سوريا و داعش والنصرة تحتل اكثر من600كم مربع في جرود و عرسال والقلمون وتحتل بعض عقول السياسيين والمعممين والإعلاميين ؟
كيف نناى والكل متورط بالتدخل في سوريا وقد كان المستقبل سباق للتدخل بالتموين والسلاح و الإحتضان عبر الحدود اللبنانية والتركية بما عرف بقضية ( البطانيات غيت).
إن الحياد والنأي بالنفس هو تدخل لصالح جماعات التكفير وتنكر لمعروف سوريا وما قدمته للبنان وللأسف لما قدمته للطبقة السياسية التي بادلتها بالعقوق والخذلان وهي التي صنعتهم مع ألقابهم وثرواتهم (هو شخص لم ينصر الباطل , ولكن المؤكد انه خذل الحق ) كما يقول الإمام علي (ع) ولكن الحقيقة ان البعض يتدخل بالتصريح او بالسكوت عن جرائم التكفيريين نكاية وعداوة للنظام ويكون بقصد او غير قصد حليفا" للتكفيريين كما حصل في قضية إختطاف العسكريين من بعض اهال عرسال وبتغطية سياسية او تبريرا" للتفجيرات الإنتحارية في الضاحية .
المشكلة في لبنان ان الجميع قد نزل للشارع والميدان في حالة تعبئة وإستنفار مذهبي وطائفي وسياسي وصولا للقومي ضد الفرس دعما للعروبة في اليمن وتحالفا مع أبناء العمومة اليهود كما قال الأمير فيصل بن علي عندما وقع اتفاقية مع حاييم وايزمن عام 1919 " ان العرب واليهود يدركان القرابة الجنسية والصلات القديمة القائمة بين العرب والشعب اليهودي.."
- فالمسيحيون يطالبون بحقوقهم التي سلبها الطائف وعدم المشاركة بالسلطة (الرئاسات الثلاث) بسبب عدم انتخاب رئيس للجمهورية بالإضافة للتهميش في مجلس الوزراء(النصف+1) مما جعلهم خارج دائرة القرار بالإضافة للخطر الوجودي الذي يواجههم في المنطقة وتشتت قياداتهم وتناحر زعمائهم الذي يلغي قوة التاثير لديهم .
- السنة يدعمون ما يسمى الربيع العربي خاصة في سوريا والعراق (لأسباب مذهبية ) ويدعون لإسقاط الأنظمة ويدعمون الأنظمة في البحرين واليمن للأسباب ذاتها بسبب مذهب المتظاهرين ويريدون استعادة سلطتهم في لبنان التي تقلصت بعد الطائف وتنفيذا" لإملاءات السعودية الحاسمة .
- الشيعة في الشارع لحماية المقاومة ولمنع تهديد التكفيريين للبنان والمناطق الشيعية المستهدفة وللتحالف مع سوريا في محنتها مثلما وقفت مع المقاومة ضد العدو الصهيوني ولأن الشيعة سياسيا" مع محور المقاومة ضد المشروع الأميركي .
- الدروز الذين اصابهم الدوار والإرهاق يتنقلون من شارع الى شارع ومن موقف الى موقف لا يدرون ما يفعلون في آتون هذا الصراع الكبير وهم أقلية موزعة في فلسطين تحت الاحتلال ومع الاحتلال وفي تنقل دائم بين 8و 14 اذار ومع السعودية التي تعاقبهم أحيانا لكن المشكلة الأخطر بأن داعش والنصرة تعتبرهم كفارا" وفق فتاوى ابن تيمية والوهابية وهذا يشكل تهديدا" وجوديا لهم اسوأ من المسيحيين الذين تعتبرهم داعش والنصرة اهل كتاب وتأخذ الجزية منهم ولا تأخذها من الدروز لكفرهم فالمذهب مهدد بالإنقراض كما الإيزيديين!.
يحمل الجميع أسلحتهم ويستنفرون طوائفهم في الشارع ويوقدون المشاعر بالخطب الرنانة والتحريضية ..و يجمعون الحطب للموقدة الكبرى والكل يحسب ان مفتاح الأمن والإنفجار بيده وسيهلك الجميع وينسى بأنه سيحترق معهم والمأساة ان داعش والنصرة بإنتظار الجميع لتسبي نسائهم وتذبح رجالهم وتسرق مصارفهم وتقفل منتجعاتهم مهما كانت مذهبهم وألقابهم .
لا يحتاج الإنفجار الا "لعود ثقاب" يتمثل بحادث فردي أو عملية خطف او تصريح مسعور وينفجر الأمن الهش ويختلط الحابل اللبناني بالنابل السوري والفلسطيني وينضم لبنان الى دول الحريق العربي مما يمهد الطريق امام إسرائيل لأخذ ُثأرها من المقاومة وأهلها بتواطؤ لبناني وعربي ودولي .
هل يستيقظ الجميع من إنفعالهم وحساباتهم الخاطئة التي ستدمر لبنان وتتحمل كل جهة مسؤولية إعادة الحوار والتسويات الي مثلت جوهر السياسة اللبنانية قبل فوات الآوان ؟